أعلنت “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” نيتها إحداث “قطب المقاولات الإعلامية الناشئة”، ضمن هيكلها التنظيمي. وذلك استنادا لقرارات “المجلس الوطني الثالث للنقابة”، المنعقد يوم فاتح نونبر 2025، بالعاصمة “الرباط”.
ويهدف القطب الجديد لتأطير المقاولات الصحفية الصاعدة ودعمها قانونيا ومهنيا واقتصاديا. في ظل التحولات الرقمية العميقة التي يشهدها قطاع الإعلام المغربي.
ووفق بلاغ أصدرته النقابة، تتوفر جريدة “العدالة اليوم”، على نسخة منه. فإن هذا القرار يأتي في ظل أزمة بنيوية يعيشها قطاع الصحافة بالمغرب. تتجلى في تراجع المبيعات الورقية، وتحول الإعلانات إلى المنصات الرقمية العالمية. مع تسجيل غياب نموذج اقتصادي مستدام للمؤسسات الإعلامية الصغيرة.
إطار مؤسساتي جديد لدعم الابتكار الإعلامي
وفق البلاغ الرسمي للنقابة، فإن هذا القرار يأتي بناء على مداولات وقرارات “المجلس الوطني الثالث للنقابة الوطنية للصحافة المغربية”، المنعقد بالرباط ،يوم فاتح نونبر 2025. وذلك استنادا لخلاصات القرارات التي انبثقت عنه. وايضا استجابة لمبادرات عدد من الصحافيين والصحافيات الأعضاء الذين خاضوا تجربة تأسيس مقاولات إعلامية ناشئة. على الرغم من الإكراهات المرتبطة بضعف التمويل وصعوبة الولوج للدعم العمومي وتعقيدات الترخيص والمواكبة القانونية.
وسيشكل القطب الجديد، بحسب البلاغ، رافعة لتأطير هذا الجيل الجديد من الفاعلين الإعلاميين دعما لهاته المقاولات الناشئة. ومن أجل تمكينها من شروط الحماية والتطور.
وسيتم قريبا الإعلان عن اللجنة التحضيرية لميلاذ هذا القطب، الذي يبقى مفتوحا في وجه جميع المقاولات الإعلامية الناشئة الراغبة في الانضمام لهذا الإطار التنظيمي. قصد المساهمة الجماعية في بلورة رؤية جديدة للنهوض بالمقاولة الصحافية الوطنية. والدفاع عن حقها في شروط صحية وديمقراطية ضامنة لأجواء المنافسة العادلة وموفرة للحماية القانونية والاجتماعية للمقاولين الصحفيين والصحافيات. إضافة للدفاع عن حقها في الوجود والمنافسة العادلة داخل المشهد الإعلامي الوطني.فالصحافة الحديثة تحتاج إلى أطر جديدة تحتضن المبادرة الحرة والإبداع. بدل تقييدها بالبيروقراطية أو الاحتكار.
خلفية قانونية وتنظيمية
تجدر الإشارة إلى أن إحداث هذا القطب يستند لمقتضيات القانون، خاصة الباب الثاني من الدستور المغربي، الذي يكفل الحق في حرية الصحافة وحرية إنشاء المقاولات الإعلامية. مؤكدا أن “للجميع الحق في التعبير، ونشر الأخبار والأفكار والآراء، بكل حرية، ومن غير قيد. عدا ما ينص عليه القانون صراحة”.
كما يتناغم المشروع مع التوصيات الأخيرة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “تمويل المقاولة الإعلامية المستقلة” التي شددت على “أشكال التشغيل اللانمطية” و”ضمان معايير العمل اللائق”، مع توفير إطار للمقاولات الإعلامية المستقلة.
كما تشمل هاته التوصيات الاعتراف بهاته الأشكال التنظيمية وضمان الحماية الاجتماعية والتكوين المستمر مع إدراجها في الحوار الاجتماعي. فضلا عن تمكين العاملين من الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية.
منصة لتأهيل جيل جديد من الفاعلين الإعلاميين
وسيتم، وفق البلاغ الصادر عن النقابة. إحداث لجنة تحضيرية للإشراف على وضع التصور التنظيمي لعمل القطب الجديد. مع فتح الباب أمام جميع المقاولات الإعلامية الصغيرة والمتوسطة الراغبة في الانضمام. كما سيعهد لهاته اللجنة إعداد ميثاق أخلاقي وتنظيمي يحدد معايير الانخراط وآليات الدعم التقني والقانوني. فضلا عن التنسيق مع الوزارة المنتدبة المكلفة بالاتصال و”المجلس الوطني للصحافة”.
في هذا السياق، أكد البلاغ أن الهدف الأسمى من هذه المبادرة هو المساهمة في بلورة رؤية جديدة للنهوض بالمقاولة الصحفية الوطنية. وذلك بما يعزز حضورها في المشهد الإعلامي. ويدعم بالتالي استقلاليتها التحريرية ويشجع على الابتكار في الممارسة الصحفية.
جدير بالذكر أن الاستثمار في الإعلام رهان ديمقراطي. لأنه من دون مقاولات صحفية قوية، لا يمكن ضمان تعددية الرأي ولا حماية للحق في المعلومة.
وكانت المندوبية السامية للتخطيط قد أفادت بتوقف عدد من المقاولات الإعلامية، خلال السنوات الخمس الأخيرة. بسبب العديد من الضغوطات والإكراهات التي عاشت في خضمها. خاصة تلك المتصلة بضعف الموارد المالية وغياب التأطير القانوني. وهو ما يجعل إنشاء هذا القطب خطوة استراتيجية لدمج هذه الفئة في المنظومة المهنية الرسمية.
نحو مقاولة إعلامية مواطنة
يشكل إحداث “قطب المقاولات الناشئة” من قبل “النقابة الوطنية للصحافة المغربية” تحولا بنيويا في فلسفة العمل النقابي المهني. الهادف إلى احتضان الطاقات الشابة ودعم الابتكار الصحفي، وفق مقاربة تشاركية وتضامنية. لأن بناء إعلام وطني حر ومستقل يبدأ من تمكين المقاولات الصغرى من أسباب وجودها وقوتها واستمراريتها. فضلا عن تحصين الصحافيين ضد الهشاشة.
تجدر الإشارة أيضا أن “المهدي بنسعيد”، وزير الثقافة والشباب والتواصل، سبق له ان صرح، خلال مناقشة مشروع ميزانية وزارته في لجنة التعليم والثقافة، بمجلس النواب المغرب. أن “المقاولات الإعلامية في المغرب غير مربحة”. مؤكدا أن “إذاعة واحدة من بين 11 إذاعة حققت أرباحا خلال عام 2024”. مشددا على أن هناك “إشكالية، وعلينا مراجعة النموذج الاقتصادي للمقاولة الإعلامية”.