اعلن “عبد اللطيف لوديي”، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بإدارة الدفاع الوطني. إطلاق استراتيجية وطنية شاملة لبناء قاعدة صناعية دفاعية متطورة.
خطوة تم وصفها بأنها تشكل تحولا استراتيجيا في مسار الأمن القومي والتنمية الصناعية المغربية. لأنها تهدف لبناء قاعدة صناعية دفاعية متطورة بالمغرب.
جاء هذا الإعلان عن هاته الخطوة، خلال تقديم “لوديي” الميزانية الفرعية لإدارة الدفاع الوطني، أمام “لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية” ب”مجلس النواب” المغربي.
وفي هذا السياق، كشف “لوديي” عن منح تراخيص لعشرة مشاريع صناعية دفاعية، باستثمارات إجمالية تصل ب260 مليون دولار. من المرتقب أن تساهم هاته المشاريع في إحداث أكثر من 2500 منصب شغل مباشر وآلاف المناصب غير المباشرة، خلال المرحلة الأولى لانطلاق هاته المشاريع. والتي تتصل بسلاسل التوريد والخدمات اللوجيستيكية والدعم التقني. وهو ما يعكس البعد الاقتصادي والاجتماعي لهاته المبادرة.
كما كشف عن وجود خمسة مشاريع إضافية قيد الدراسة. ضمن خطة شاملة مصممة لتلبية احتياجات القوات المسلحة الملكية المغربية. مع توجيه جزء من الإنتاج نحو التصدير.
بنية تحتية مهيأة لاستقبال صناعة الدفاع
لضمان نجاح هذا الورش الوطني الكبير وتنزيل فعال لهاته الاستراتيجية. أكد “لوديي” أن الحكومة شرعت في تجهيز البنية التحتية اللازمة. حيث تم إطلاق أشغال إحداث منطقتين مخصصتين للتسريع الصناعي في مجال الدفاع. من المقرر أن تكون جاهزة لاستقبال المستثمرين قبل نهاية عام 2026. مع منحها مجموعة من المزايا التحفيزية، كالإعفاءات الضريبية والجمركية وتبسيط الإجراءات الإدارية. إضافة لتوفير مناطق عمل مؤمنة ومتخصصة مع تقديم دعم مالي وتأطير تقني للمستثمرين الأجانب والمحليين.
توجه ينسجم مع المقاربة الدولية التي تجعل من الصناعة الدفاعية قطاعا متعدد المهام: أمني، اقتصادي وتكنولوجي.
إطار قانوني محكم ومحفز
أوضح “لوديي” أن هذا التقدم لم يكن ليتحقق دون وجود أطر قانونية وتنظيمية ملائمة ومحفزة. مرجعا هذا النجاح لتفعيل مجموعة من الآليات. أبرزها “القانون رقم 10.20″، المتعلق بعتاد وتجهيزات الدفاع والأمن. الذي وضع قواعد الترخيص والتصنيع والتصدير والاستيراد والرقابة التقنية والأمنية. فضلا عن تقديم الحكومة حوافز ضريبية ضمن ميثاق الاستثمار الجديد وآلية التعويض الصناعي، التي تشجع الشركات العالمية على الاستثمار ونقل التكنولوجيا وتوطين الصناعات في المغرب مقابل الاستفادة من الصفقات الدفاعية الوطنية.
كما تم التركيز على تعزيز التعاون الدولي من خلال إبرام شراكات واستثمارات مع فاعلين عالميين بارزين في المجال. وهو ما سيمكن المملكة من بناء استقلاليتها الاستراتيجية بشكل تدريجي في مجال حيوي وحساس.
حضور البعد الاستراتيجي المرتبط بالتوجهات الملكية
أكد “لوديي” أن هاته الاستراتيجية تأتي تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية، التي لا تقف عند حدود تطوير صناعة دفاعية وطنية متقدمة. بل تتعداه لجعل هاته الصناعة رافعة حقيقية للتنمية الاقتصادية ونقل المعرفة والتكنولوجيا الحديثة.
توجيهات سامية تشدد على ضرورة تعزيز الاستقلال الاستراتيجي للمغرب وتطوير قدرات التصنيع وخدمات الصيانة. فضلا عن تحويل الصناعة الدفاعية الوطنية لقاطرة للتحديث التكنولوجي والاقتصادي.
تجدر الإشارة إلى أن هذا التوجه المعتمد يتماشى مع سياسة الدفاع الحديثة المعتمدة دوليا. حيث تتحول الصناعات العسكرية لرافعة لتحقيق الأمن القومي وتعزيز الابتكار والبحث العلمي. وبالتالي التحول من الاستيراد والتبعية إلى موقع المنتج الفاعل.
بعد اقتصادي واجتماعي يتجاوز الطابع العسكري
يتجاوز الاستثمار في هذا المجال البعد الدفاعي الوطني وتعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية المغربية عسكريا. إلى إنتاج صادرات صناعية عسكرية عالية القيمة مع تطوير منظومة البحث العلمي وامتلاك التقنية المتقدمة في المجال. فضلا عن خلق بطائق عمل عالية التخصص وتسريع اندماج المغرب ضمن سلاسل التوريد الدفاعية العالمية.
ويرى مراقبون أن المغرب يتجه بهاته الخطوة نحو تموقع جديد في خريطة الصناعات السيادية. مستفيدا من موقعه الجيوسياسي. إضافة لاستثماره شبكة شراكات مع “الولايات المتحدة”، “فرنسا”، “إسرائيل”، “إسبانيا” و”بريطانيا”.
وسيمكن هذا المشروع الضخم، فضلا عن أهميته في تعزيز قدرات القوات المسلحة الملكية. من تأسيس قطاع صناعي استراتيجي. حيث من المتوقع أن يصبح رافعة تكنولوجية واقتصادية تبصم على مرحلة جديدة قوامها الاستقلال الاستراتيجي والقدرة الإنتاجية والسيادة الصناعية.