تاونات: مطالب حقوقية للتحقيق في استغلال سيارات جماعية لأغراض سياسية

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

في تطور فجر جدلا واسعا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، طالب حقوقيون ب”إقليم تاونات” بفتح تحقيق رسمي في فضيحة استغلال سيارات الدولة في التنقل لحضور لقاء حزبي نظمه “حزب التجمع الوطني للأحرار” بمدينة “تيسة” والذي ترأسه أمينه العام ورئيس الحكومة بالمغرب، “عزيز اخنوش”.

واستنكر الحقوقيون استغلال سيارات الدولة والبنزين المول من المال العام لتنظيم نشاط براغماتي نفعي حزبي ضيق مخصص للدعاية لحزب “أخنوش” ولا صلة له بالتدبير الجماعي. 

وطالب ذات المصدر عامل الإقليم الجديد بإصدار أوامره للمصالح المختصة لفتح تحقيق في الموضوع مع كافة الجهات المساهمة في هذا الخرق القانوني والدستوري الذي حول الملك العام لفناء باب مؤسسة حزبية ضيقة.

الحقوقيون استندوا إلى صور متداولة تظهر فيها ما لا يقل عن 10 سيارات رسمية تحمل ترقيم “ج” باللون الأحمر. قالوا إنها تخص إدارات وجماعات ترابية تابعة للإقليم، والتي من المفترض استخدامها حصرا في المهام الإدارية، لا في أنشطة حزبية.

وكان “عزيز أخنوش” قد ألقى خلال اللقاء الحزبي، الذي عرف حضورا واسعا لمنتخبين ومسؤولين محليين.  كلمة مطولة، دافع من خلالها عن حصيلة إنجازات حكومته، منتقدا، ما اسماه. المبخسين لأداء الحكومة وحزبه. معتبرا أن “المنتقدين لا ينطلقون من منطلقات موضوعية”. وفق إفادته. 

حيث قال “أخنوش”: إن “من لا يعترف بالخير، كيجحد الواقع… واللي تحقق على الأرض غير مسبوق”. مستعرضا، في الوقت عينه. ما اسماه منجزات حكومته وحزبه واصفا الحصيلة بأنها “غير مسبوقة”.

هل يشكل استعمال سيارات الدولة في تنقل حزبي خرقا القانون؟

يعتبر استعمال ممتلكات الدولة أو الجماعات الترابية لأغراض شخصية أو حزبية مخالفة صريحة للقانون. وذلك استنادا إلى “الفصل 36 من دستور 2011، الذي ينص على معاقبة “المخالفات المتعلقة بسوء استعمال الأموال العمومية أو استغلالها لأغراض غير مشروعة”. حيث يؤكد صراحة وبشكل لا يقبل اللبس أو التحريف على معاقبة المخالفات المتعلقة بتنازع المصالح واستغلال التسريبات التي تضر بالتنافس الشريف وأي مخالفة ذات طابع مالي. 

كما أن “المادة 8 من القانون التنظيمي رقم 113.14″، المتعلق بالجماعات المحلية يلزم المنتخبين والمسؤولين ب”التصرف وفق مبادئ النزاهة والشفافية والحياد في أداء مهامهم”. مؤكدا على ضرورة فرض مساطر المحاسبة والشفافية المالية. مؤكدا على ضرورة إطلاع العموم عليها والتقييم المستمر والمراقبة الداخلية ووضع آليات للحكامة والتدبير العصري.

كما يضع ذات القانون آليات لمكافحة الفساد من خلال تجريم بعض الأفعال وتحديد عواقبها، إضافة إلى التنصيص على آليات للمساءلة والعزل في حالات معينة، كما ورد في بعض مواده.

وبموجب هذه النصوص، فإن استغلال سيارات الدولة لأغراض سياسية أو حزبية يدخل ضمن تضارب المصالح وإساءة استعمال السلطة، وهو ما يجعل المطالبة بالتحقيق مطلبا ذا سند قانوني قوي.

مطالب بالمحاسبة وليس فقط الاستنكار

دعا الحقوقيون عامل الإقليم الجديد لفتح تحقيق إداري وقانوني مع كل مسؤول أو منتخب ثبت استعماله سيارة عمومية في هذا النشاط. مؤكدين أن الإدارة العمومية ملك للجميع وليست امتدادا لحزب أو شخصية سياسية. مطالبين في الوقت نفسه بتفعيل آلية ربط المسؤولية بالمحاسبة، المنصوص عليها دستوريا. والإعلان عن نتائج التحقيق للعموم تكريسا لمنطق الشفافية وتنزيلا لقواعد الثقة في المؤسسات.

الحادثة ليست الأولى من نوعها بل تشكل امتدادا ترابيا

سبق “للمجلس الأعلى للحسابات” أن نبه لوجود حالات مشابهة تتعلق باستعمال سيارات الدولة والوقود العمومي والموارد البشرية في سياقات حزبية أو شخصية.

وفي هذا السياق فقد ركز المجلس الاعلى للحسابات ومجالسه الجهوية على مراقبة صرف الأموال العامة لضمان الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة. ويشمل ذلك التحقق من الاستخدام السليم لموارد الدولة. ضمنها السيارات والوقود والموارد البشرية. مع التدقيق في أي استخدامات ذات طابع شخصي أو حزبي. 

وعموما فالقضية تفتح من جديد ملف الأخلاقيات السياسية واستعمال المال العام في المغرب. في ظل تنامي المطالب المجتمعية بربط المسؤولية بالمحاسبة والتصدي لاستغلال النفوذ السياسي والانتخابي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.