انفلات أمني خطير وعودة “السيبة” من بوابة جماعة “عامر الجنوبية” بسلا فمن يوقف التسيب؟

محمد حميمداني

محمد حميمداني

 

في تطور خطير أثار استياء واسعا داخل مجمع “بيت المستقبل”الكائن بتراب “جماعة عامر الجنوبية” ب”سلا”. أطلق سكان العمارة السكنية رقم 14، المجموعة 7، نداء استغاثة وطلب تحمل السلطات المختصة مسؤولياتها القانونية والدستورية إنصافا للساكنة وإيقافا للانفلات الامني المسجل منعا لعودة منطق السيبة والتسيب والتسلط من بوابة سيدة تقيم بالشقة رقم 19 بذات العمارة والتي أضحت تشكل خطرا على الأمن الفردي وتهدد بوقوع جريمة ما لم تتدخل السلطات لإيقاف هذا التعدي على الحقوق والدوس على أعمدة النظام العام والخاص. لتبقى مسؤولية السلطات الركن الاساسي في ظل النتائج المترتبة عن استمرار هذا التسيب والانفلات المهدد لأركان الاستقرار بالعمارة. 

وهكذا وعلى الرغم من تقدم ساكنة العمارة 14، المجموعة 7، بشكاية رسمية لقائد مقاطعة “عامر الجنوبية” مطالبينه بتحمل مسؤولياته ورفع الضرر الناتج عن “سلوكيات عدوانية خطيرة” صادرة عن سيدة تقيم في الشقة رقم 19. معتبرين أن الوضع “بلغ مستوى يهدد سلامة الأسر، خصوصا النساء والأطفال منهم”.

كما أكدت الساكنة في مراسلتها أن هاته الممارسات “أضحت تشكل خطرا دائما على الأمن الصحي والنفسي والجسدي” للساكنة. مبرزين أن الوضع “أصبح غير قابل للتحمل” ولا يطاق ويمكن أن تترتب عنه مضاعفات خطيرة.

سلوكات خطيرة واعتداءات تقوض الأمن الفردي والجماعي

وفق مضمون الشكاية، فإن المعنية بالأمر التي تعاني من اضطرابات عقلية مزمنة تقوم بتهديد الساكنة بحرق شققهم. كما تقوم باستدراج غرباء للعمارة للقيام بممارسات مخلة بالحياء العام وبشكل علني وإتلاف الممتلكات المشتركة، كالأبواب والممرات والمصعد. مع قطع الماء والكهرباء عن الساكنة المجاورة بشكل متعمد. فضلا عن قضاء حاجاتها الطبيعية في الممرات، وهو ما ينتج عنه انتشار روائح كريهة وتهديد الصحة العامة. إضافة لتراكم النفايات أمام شقتها بشكل خطير لا يمكن تقبله ولا تحمل تبعاته الصحية.

وقائع خطيرة تعكس انفلاتا في منظومة الامن العام بالعمارة وتهديدا بشكل إرهابي لاستقرار المنطقة وسلامة الساكنة. حيث يهدد منطق السيبة القائم الحق في السكن اللائق المنصوص عليه في الفصل 31 من الدستور المغربي. المؤكد على مسؤولية الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية في تسهيل استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من حقوق أساسية. كالحق في العلاج، الحماية الاجتماعية، السكن، الشغل، الماء، البيئة السليمة والتنمية المستدامة. وهي الحقوق التي يتم تهديدها بشكل مباشر فيما السلطات المختصة تنام في عسل التفرج على مشاهد ذراما خرق القانون وشيوع الإرهاب وتهديده للسلامة العامة والخاصة. وهو ما يفتح تساؤلات مشروعة عن جدوى وجود هاته الأجهزة والمؤسسات إن لم تقم بحماية قدسية القانون وردع كل الممارسات الشاذة المهددة للاستقرار والأمن المجتمعي على الرغم من أن الشكاية تم توجيهها لقائد الملحقة الإدارية، بتاريخ 30 شتنبر من عام 2025. إلا انه لا حياة لمن تنادي في ظل تقاعس المسؤولين عن تنفيذ وزجر المخالفات الضاربة لروح القانون وهيبة المؤسسات عرض الحائط. والسؤال المرجعي الذي يفرض نفسه “هل أهل بوحمارة” من جديد من بوابة الشقة 19 من العمارة 14، المجموعة 7، ليهدد أمن واستقرار الساكنة، فيما المسؤولون غائبون عن تحمل مسؤولياتهم على الرغم من علمهم بفصول الذراما القائمة. 

فما يتم تسجيله يضرب في العمق قواعد حسن الجوار وواجبات الملكية المشتركة، المنصوص عليها في “القانون رقم 18.00، المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية. حيث تمنع المادة 27 منه أي نشاط يسبب ضررا للجيران. فيما تخول المادة 39 للمتضررين حق رفع دعوى استعجالية لوقف الخطر الداهم في حالة وجود خطر يهدد سلامة العقار المشترك أو أجزاء منه، (مثل أعمال هدم خطيرة أو أضرار جسيمة). حتى ولو لم تكن هناك موافقة مسبقة من جميع الملاك وذلك لحماية المصلحة المشتركة. فما بالك إن اقترن وجود خطر يهدد سلامة العقار بتهديد السلامة البشرية والإخلال بالحياء العام بشكل علني. 

كما أن المادة 9 من ذات القانون، المتعلقة بالاستعمال السليم للأجزاء المشتركة. تحدد “شروط استعمال الأجزاء المشتركة”. حيث تنص على أن لكل مالك الحق في استعمال هذه الأجزاء (الممرات، المداخل، الساحات، إلخ) بشرط ألا يضر بحقوق الملاك الآخرين. مع احترام الغرض الذي أُعدت له الأجزاء المشتركة وتخصيص العقار الأصلي. مع تركها خالية (غير معاقة). مؤكدا على وجوب الاستخدام المتوازن لجميع الملاك المشتركين مع الحفاظ على النظام العام للعقار.  

وهكذا وعلى الرغم من وضوح النص القانوني والدستوري إلا أن “بوحمارة الشقة 19 من العمارة 14، المجموعة 7” استأسد في ممارسة التسيب في ظل غياب سلطات الردع المختصة، المسؤولة الأولى عن تنزيل القانون، والرادعة للاختلالات المسجلة وهو ما يجعلها بصمتها “شريكة” من موقع سماحها للسيدة بممارسة الفوضى كما هو موثق في الفيديوهات التي نعرضها ضمن هاته المقالة. 

شكايات تبخرت في فضاء صمت السلطات 

على الرغم من صيحات الاستغاثة التي حملتها الشكايات المرفوعة للسلطات المختصة إلا أنها وجدت في الجهة للتنفيذية سيادة منطق “كم من الأشياء قضيناها بتركها” و”لعبة غميضة” في مواجهة التسيب الحاصل.  

والسؤال المرجعي الذي يفرض نفسه، هل يكفي نقل السيدة المهددة للسلامة الخاصة والعامة والممتلكات إلى “مستشفى الرازي للأمراض العقلية” في وضع يقارب وضع “الدواء الأحمر” على ورم سرطاني خبيث. لتعود “حليمة” بعد أن تم إطلاق سراحها “لعادتها القديمة” وبأفعال انتقامية اخطر من السابق.

يقول أحد الساكنة ممن يعانون ويلات هذا الانفلات الأمني الخطير: “نعيش حالة رعب يومي… لا يمكن تخيل أن تهديدا بحرق شقق الساكنة يتم تركه دون حل جذري”.

السلطات المختصة بين سلطتي النص القانوني والصمت الواقعي 

يتيح الإطار التشريعي المغربي للسلطات اتخاذ إجراءات فورية وقوية في هاته الحالات. ضمنها الإيواء الإجباري للعلاج، وذلك استنادا إلى “الظهير الشريف المنظم للمؤسسات الصحية العقلية، الصادر في 30 أبريل 1959. خصوصا المواد المتعلقة بـ”الإيداع الاضطراري” للأشخاص الذين يشكلون خطرا على أنفسهم أو على الغير. 

وفي هذا السياق، ينص “الظهير الشريف رقم 295-58-1″، المعتبر بمثابة قانون أساسي منظم للمؤسسات الصحية العقلية في المغرب. المهتم تحديدا بالإيداع الاضطراري للأشخاص الذين يشكلون خطرا على أنفسهم أو الغير. فعلى الرغم من تقادمه وضرورة تحيينه مع تطور الأحداث المجتمعية إلا أنه لا يتم تنفيذه في مثل هاته الحالة لتترك الساكنة في العراء تواجه اقدارها وكأننا في مجتمع لا تنظمه قوانين وليست لديه مؤسسات ضامنة للحقوق والواجبات.

كما أن تدخل القائد أو الباشا ضروري في مثل هاته الحالات وذلك بموجب “قانون الحريات العامة” و”القانون التنظيمي للإدارة الترابية”. المانحة لرجال السلطة صلاحيات إصدار قرارات استعجالية لحماية النظام العام (الأمن – الصحة – السكينة). حيث ينص القانون، خاصة في الشق المتعلق بالحريات، على وجوب تطبيق القانون وضمان النظام العام والأمن، وتنفيذ التشريعات المتعلقة بالحريات. فضلا عن تسهيل قضاء أغراض المواطنين، وحل النزاعات المحلية. 

بل والأخطر في السيناريو القائم هو تهديد السيدة بحرق الشقق والذي تتعامل معه السلطات كتهديد عادي لا يستحق الزجر والمتابعة على الرغم من وضوح النص القانوني المؤكد على وجوب المتابعة الجنائية في حالة التهديد بالحرق. كما هو مضمن في الفصلين 580 و581 من القانون الجنائي، المعاقبين عن صدور أي تهديد بالحرق أو المساس بالأمن العام. 

تجدر الإشارة إلى أن الفصلين 580 و581 من القانون الجنائي المغربي، المتعلقان بجرائم إضرام النار العمد، وتحديدا إحراق الممتلكات بوضع مواد قابلة للاشتعال أو بإشعال نار. وهو ما يشكل تهديدا خطيرا للأمن العام والأشخاص والممتلكات. ينص على عقوبات سجنية مع الغرامة. مع ظروف تشديد في حالات حصول موت أو إصابات خطيرة. وذلك بهدف حماية الأرواح والممتلكات وتأمين النظام العام. 

فهل هاته الوقائع القائمة بما تحمله من خطورة  واستئساد على الساكنة لا يمكن أن تحرك السلطات على الرغم من وضوح النص القانوني؟. وهل مطالب السلطات رخيصة لهذا الحد لدرجة ان السلطات تغمض عينيها عنها؟. وهل هاته السيدة من القوة لتترك تمارس السيبة في دولة الحق والقانون والمؤسسات؟. وما الحكم الذي يمكن أن نصنف به هذا الانفلات الحاصل وخروج السلطات عن عقاب تحمل المسؤولية إلى حالة تكريس واقع مرضي إجرامي قائم؟.  

الساكنة المكتوية بلهيب هاته التصرفات لا تطالب إلا بمطلب بسيط متعلق بالتدخل العاجل والحماية قبل وقوع الكارثة. لأنه إن وقعت تبقى السلطات هي المسؤولة الاولى عن فصولها ونتائجها. 

فالمطلوب من هاته السلطات التدخل العاجل لرفع الضرر عن الساكنة فورا مع ضمان حمايتها من التهديدات المتكررة المسجلة بشكل هوليودي. فضلا عن إيجاد حل جذري يحفظ الأمن والسكينة داخل العمارة مع تفعيل القانون تجاه السلوكيات المهددة.

وهو ما عكسه احد المواطنين من ساكنة العمارة بوضوح قائلا: “نريد فقط العيش بسلام. ما يحدث لا يطاق، ونخشى أن ينتهي الأمر بمأساة”.

بناء على هاته الوقائع الخطيرة تبقى السلطات أمام مسؤولية قانونية ودستورية لحماية سلامة المواطنين. وهي مسؤولية مشتركة بين كافة المتدخلين المؤسساتيين. لأنه عندما تتحول الحياة السكنية إلى خطر حقيقي، تصبح السلطة المحلية ملزمة بتفعيل اختصاصاتها الكاملة لضمان الأمن والسكينة العامة. ولو عبر إجراءات خاصة واستثنائية يخولها القانون. لأن الأمر لا يتعلق بخلاف سكني. بل بتهديد فعلي مباشر للأمن العام والصحة العمومية والنظام المشترك للسكن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.