شهد “قصر المنقارة”، التابع ل”بلدية الجرف” ب”إقليم الرشيدية”، واحدة من أصعب الليالي في تاريخه. وذلك بعدما داهمت حمولة استثنائية ل”وادي البطحاء” منازل الساكنة. متسببة في انهيار عدد منها، فيما جرى هدم أخرى كانت مهددة بالسقوط، تفاديا لخسائر بشرية ومادية أكبر.
وحسب إفادات عدد من سكان القصر، فإن السبب المباشر لما حدث يعود إلى إحداث بعض الضيعات الفلاحية داخل مجرى “وادي البطحاء”. وهو ما أدى لتغيير مساره الطبيعي، ودفع بالتالي السيول نحو التجمعات السكنية ل”قصر المنقارة”. ومع تواصل التساقطات المطرية، تضاعفت حدة الخطر، وتعاظمت معاناة الساكنة التي وجدت نفسها في مواجهة فيضانات مباغتة.
وتعيد هاته الفاجعة إلى الأذهان مأساة “قصر الزريقات” عام 1965، بعد أن تحول القصر، حينها، لأطلال بعد حصول دمار شامل. حيث لم يبق منه اليوم سوى بقايا شاهدة على واحدة من أكثر الكوارث إيلاما في تاريخ المنطقة، وما رافقها من معاناة إنسانية قاسية.
في سياق الحديث عن الضيعات الفلاحية وتأثيرها على مجرى “وادي البطحاء”، شهدت “صفحة المنقارة” الفيسبوكية، بتاريخ 16 أكتوبر 2024، تداول تدوينة حادة وناقدة لهذا الوضع. حيث وصفت ما حدث بـ”قمة الأنانية والوقاحة” من قبل بعض المستثمرين الفلاحيين الذين قاموا بتشييد ضيعاتهم في مجرى الوادي. ما أدى إلى تغيير مساره الطبيعي وتهديد حياة المواطنين.
وقد جاء في التدوينة: “قمة الأنانية والوقاحة أن تجد من يدافع عن الضيعات الفلاحية التي شيدت في غفلة منا في وادي البطحاء. وغيرت مسارها تجاه الجرف حيث دمرت الخطارات وهددت البلاد وزرعت الخوف لدى آلاف من المواطنين البسطاء.. منطقهم هو أنا ومن بعدي الطوفان…”.
كما تساءلت التدوينة عن الجهة التي منحت الموافقة لهذه الضيعات، مطالبة بتدخل المسؤولين، والمحامين، والحقوقيين للدفاع عن حق الساكنة في الحياة والماء والأمن. خاصة في ظل موسم الأمطار، حيث يبقى خطر تكرار الفيضانات قائماً.
وتبرز هذه الأحداث من جديد إشكالية الكوارث الطبيعية التي غالبا ما يساهم التدخل البشري غير المسؤول في مضاعفة آثارها. وهو ما يستوجب تدخلا عاجلا وحازما من الجهات المعنية، عبر التطبيق الصارم للقوانين الزجرية في حق كل من يتعدى على مجاري المياه والأودية. إلى جانب الإسراع في إنجاز منشآت وقائية تحد من مخاطر الفيضانات.
كما يؤكد الفاعلون المحليون على أهمية إشراك ساكنة القصور المعنية في بلورة الحلول الوقائية. وذلك بحكم معرفتهم الدقيقة بطبيعة المجال ومخاطره، وبالوسائل الكفيلة بحماية الأرواح والممتلكات.