في مشهد كرنفالي احتفالي مهيب جمع بين الذاكرة الوطنية والفرجة التراثية والعمل التربوي والتنشيط المدني. شهد حي الزيتون ب”مدينة مكناس”، أمس الإثنين. تنظيم النسخة الثانية من “كرنفال حي الزيتون”. وذلك تخليدا لثلاث محطات وطنية راسخة في الوجدان المغربي: عيد المسيرة الخضراء، عيد الاستقلال وعيد الوحدة الترابية.
الحدث، الذي انطلق على الساعة الثانية بعد الزوال، من أمام مقر “مقاطعة الزيتون”. تميز بحضور رسمي وشعبي واسع وبمشاركة مؤسسات تربوية ورياضية وثقافية. وهو ما جعله يصنف ضمن أهم الأنشطة التربوية والمجتمعية ذات الطابع المواطني التي احتضنتها المدينة خلال السنوات الأخيرة.
يتناغم تنظيم هاته النسخة من الكرنفال مع التأكيد على حق المواطنين في الولوج إلى الأنشطة الثقافية والترفيهية. وأيضا دعم المبادرات الثقافية والشبابية. في إطار التوجهات الرسمية لترسيخ الهوية الوطنية، وفق الرؤية الملكية للتربية على المواطنة والتنمية البشرية. كما ينسجم الحدث مع أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بضمان تعليم شامل وتعزيز المشاركة المجتمعية وبناء مدن دامجة ثقافيا واجتماعيا.
وقد انطلقت فعاليات “الكرنفال” بتجمع المشاركين أمام “مقاطعة الزيتون”، حيث تم ترديد النشيد الوطني بمرافقة الفرقة النحاسية، في لحظة مؤثرة عززت الشعور بالانتماء والهوية الوطنية.
وعلى الرغم من الترتيب الذي تم اعتماده وفق القرعة لتنظيم مواكب المشاركة. إلا أن الحضور الجماهيري وتنوع المشاركين منحا الحدث طابعا احتفاليا زاوج بين الرسالة الوطنية والبعد الثقافي والترفيهي.
تجدر الإشارة إلى ان هاته الفعالية عرفت حضورا رسميا وجماهيريا. حيث ضمت وفدا من مقاطعة الزيتون و”الفيدرالية الإقليمية لجمعيات آباء وأولياء التلاميذ” فضلا عن “المنظمة الوطنية للوحدة الترابية”. كما عرفت مشاركة شخصيات تربوية ومدنية وجمعوية ومئات التلاميذ وأولياء أمورهم.
وقد نجحت التجربة في تحويل الفعل الاحتفالي إلى مشروع تواصل مجتمعي حي وقابل للتوسع. كما عرفت تقديم عروض كرنفالية متنوعة توزعت بين التراث والرياضة والتربية.
وقد جابت مسيرات الكرنفال شوارع “حي الزيتون” إضافة لساحة مؤسسات تعليمية. ضمنها “إعدادية جابر بن حيان”. وذلك على إيقاعات الفرقة النحاسية، وعروض “عيساوة” والفرقة الأمازيغية للفولكلور “أحيدوس”. في انسجام فني يعكس التعدد الثقافي المغربي.
كما قدمت “جمعية الصداقة للتيكواندو” عروضا رياضية مبهرة شارك في تقديمها أطفال بمستوى تقني أثار إعجاب الجمهور، في تجسيد حي لدور الرياضة في التربية على الانضباط والقيم.
وقد تميزت هاته الفعالية أيضا بتوزيع شواهد تقديرية على مجموعة من الفاعلين الجمعويين وشركاء الحدث. في مبادرة اعتبرها متتبعون اعترافا مستحقا بالمجهودات التطوعية التي تدعم التماسك المجتمعي وترسخ قيم المواطنة.
تجدر الإشارة إلى أن هاته الفعاليات والأنشطة الثقافية الاحتفالية المرتبطة بالتاريخ الوطني تسهم بنسبة كبيرة في تعزيز الانتماء والهوية الوطنية لدى فئة المراهقين. فضلا عن تقوية الروابط الأسرية حول القيم المشتركة وتقليص مظاهر العنف المدرسي والسلوكيات السلبية لدى التلاميذ. لتتحول بحكم أهدافها لاستثمار في الاستقرار الاجتماعي والتربية المدنية.
احتفالية تعكس في عمقها روح وفلسفة المسيرة الخضراء المظفرة. والتي نستحضر خلالها كلمات فقيد العروبة والإسلام جلالة المغفور له، “الحسن الثاني”، طيب الله تراه. حيث قال رحمه الله: “المسيرة لم تكن عملا سياسيا فقط، بل كانت درسا في الانضباط والوحدة والإيمان بالمصير المشترك”. وذلك إيمانا من الجميع بأن الأمة لا يتم بناؤها بالوثائق فقط، بل بالذاكرة المشتركة والتربية المتواصلة.
فكرنفال “حي الزيتون” في نسخته الثانية عكس قيما مجتمعية ورسالة مثلى في المواطنة والتربوية. ناسجا مساحة للفرح الجماعي ورابطا جسورا بين الماضي والحاضر في أفق صناعة الغد.