في تطور مثير لملف عمراني وقانوني متشابك. يواجه صاحب الشقة رقم 2 بالطابق الأرضي ب”إقامة Les ROSES” ب”حي فرانس فيل 2″، التابع ترابيا “للملحقة الإدارية الواحة” ب”عمالة مقاطعات الدار البيضاء أنفا”. اتهامات صريحة بخرق قوانين التعمير، وسط مطالبات السكان بتدخل فوري لوضع حد لما اعتبروه “حصانة غير مبررة” للمخالف.
وهكذا فقد أكدت ساكنة من الإقامة في اتصال بجريدة “العدالة اليوم ” بأن السلطات المحلية بالملحقة الإدارية “الواحة” لم تعمل على تفعيل المساطر القانونية أو الفصول الزجرية المنصوص عليها في “قانون التعمير”. المؤكدة على ضرورة زجر كل مخالفات التعمير والبناء.
جدير بالذكر أن القانون لا معنى له إذا لم يتم تطبيقه على الجميع، والعدالة الحقيقية تبدأ من الشارع. حيث لا معنى للنصوص القانونية إن لم تقرن بالتنزيل وتفعيل آلية التسييد والزجر. وإلا بقيت بثراء وعرجاء وهو ما ينتج الفوضى ومنطق “التسيب”.
خروقات واضحة.. وقانون غائب
وفق شهادات بعض من ساكنة الإقامة فإن صاحب الشقة يقدم على الاستحواذ بشكل غير قانوني على ملك عام مشترك بالإقامة. فضلا عن استعمال المساحة المتنازع عليها لأغراض شخصية وتجارية بدون ترخيص. إضافة لتربية كلاب داخل دهاليز الإقامة بطريقة تهدد سلامة الساكنة، خاصة الأطفال وكبار السن منهم.
وضع خلق توترا وفجر احتقانا متصاعدا، خاصة وأن الشكايات الرسمية المودعة لدى قائد “الملحقة الإدارية الواحة” لم ينتج عنها أي إجراء عملي.
إن عدم تفعيل دور السلطة في زجر المخالفات والتعدي على روح القانون والملك العام يفتح آلاف الاسئلة عن أسباب إغماض العين عن هاته المخالفات؟. وعن الجهة الداعمة والراعية لهاته الخروقات التي تتم أمام مرأى ومسمع الجميع؟. وهل هناك سلطة أقوى وأعلى من سلطة وقوة الدستور والقانون؟.
فاستمرار الخرق والوضع القائم يفتح الباب على مصراعيه لاحتلال آخرين الملك العام إسوة بمن سبقهم ولم يطلهم الردع.
المنطق والقانون المنظم لدور السلطات يلزمها من باب الواجب الحفاظ على روح القانون والتصدي لكل المسلكيات التي تضرب بقوة القانون عرض الحائط.
أسباب عدم تفعيل القانون ضد ممارسي الخرق
القانون واضح في باب البناء والتعمير وحماية الملك العام. ودور السلطات الجماعية والمحلية العمل على زجر المخالفات وتسييد سلطة القانون. لا المداراة عن هذا الخرق بشكل أو بآخر. لأننا سنكون حينها أمام مشاركة فعلية في ممارسة الخرق وإنتاج سلطة التعدي على الملك العام. لدوافع وأسباب لا يعلمها إلا المخالفون لروح القانون والساكتون عن ممارساتهم.
لن نوغل في التفاصيل الآن، ولكن سيكون لنا وقوف عليها في قادم الايام لتقويم هذا الاعوجاج الذي يدوس على روح القانون وسلطته التي يجب أن تكون مصانة من قبل الجميع. ونكتفي الآن بطرح مجموعة من التساؤلات التي سنحاول الإجابة عنها في القادم من الأيام.
فمن الجهة التي شلت يد السلطات في مواجهة خرق القانون والتعدي على الملك العام؟. وهل في الأكمة ما وراءها من روائح تتعدد ألوانها لكن تجتمع في إدامة التعدي والخرق؟. وما الذي يمنع السلطات من تطبيق القانون؟. وهل لهذا الشلل في تطبيق القانون أذرع سياسية حامية؟.
الوقائع والمسؤوليات
إن تطبيق القانون لا ينتظر الأوامر ولا يمتثل للغة الهواتف أو ما شابه ذلك. لأنه سلطة لا يعلو عليها أحد وهو ما يؤكده عاهل البلاد المفدى في مجمل خطبه الرسمية. وهل تطبيق القانون يكون على الباحثين عن لقمة عيش حلال فقط؟. أو عن ساكنة تحتمي بحيطان اتقاء الزمهرير والبرد القارس؟ فيما يتم تعطيله باسم النفوذ والسطوة المادية او التسلطية.
إن الصرامة في تنزيل القانون واجب وليست مطلب ولا تحتاج حتى لشكايات مودعة لدى رئيس الملحقة الإدارية “الواحة”. لأن القاعدة القانونية تقرن النص القانوني بالإلزام وزجر كل أشكال التعدي على الملك العام أو حقوق الأغيار أو حقوق المجتمع.
فلا حديث عن مؤسسات بدون آليات رقابية صارمة ومستمرة. ومعاقبة للمخالفين بقوة القانون. حفاظا على المؤسسات وعلى المال العام الذي يتم هذره بلا رقيب ولا حسيب.
وهي الآمال التي حملتها ساكنة إقامة “Les Roses” معتبرة إياها واجبا لا مطلبا محملة السلطات المسؤولية في التعدي على روح القانون بالسكوت والصمت عن هاته التجاوزات الخطيرة. مطالبة السلطات الإقليمية، وعلى رأسها “عبد الخالق مرزوقي”، العامل المعين حديثا على رأس “عمالة مقاطعات الدار البيضاء انفا” للتدخل العاجل لوضع حد لهاته الانتهاكات الجسيمة للمال العام والملك العام ولحقوق المجتمع كما الأفراد. تحقيقا لمبدأي الأمن والأمان الفردي والمجتمعي.
انعكاسات الظاهرة على المدينة وصورة الدار البيضاء
يشير خبراء في مجال التعمير أن أكبر التحديات التي تواجه المدن هو تآكل النظام القانوني في مجال التهيئة العمرانية بسبب غياب الصرامة في تطبيق القانون وتضارب المصالح وضعف آليات الرقابة الميدانية.
لا مجال لاجتهاد السلطة مع وضوح النص القانوني
يحدد “الفصل 2 من القانون رقم 66.12″، آلية إصدار رخصة البناء. ويؤكد على ان إجراء تغييرات معينة في واجهة البناء تستدعي رخصة بناء، وتوجيه نسخة منها إلى السلطة المحلية بعد تسليمها. أي أن النص واضح فهو يجرم كل عملية يمكن القيام بها ما لم يتم الحصول على ترخيص متصل بها ويعاقب المخالف بالهدم والغرامة.
ولا يستثني المشرع من هاته الإجراءات أيا كان، اللهم من بعض الحالات المحدودة والمنصوص عليها في “الفصل 63 من القانون رقم 12.90” ذات الصلة بالمنشآت الفنية مثل الجسور والأنفاق، وكذلك على التجهيزات الأساسية مثل الخزانات والسدود.
كما أن المشرع ألزم آلية استغلال الملك العمومي بوجود ترخيص واضح ومكتوب بالاحتلال المؤقت.والذي يجب أن يخضع لدفتر تحملات ويشمل شروطا صارمة، مثل منع الترخيص للاستغلال لأغراض سكنية. أو عقود الشراكة التي تلجأ إليها الدولة لتدبير أملاكها العامة بالتعاون مع القطاع الخاص. وتتم المصادقة عليها بموجب مرسوم. فضلا عن المراقبة والعقوبات. من خلال وضع آليات لمراقبة الملك العمومي، ويفرض القانون عقوبات مالية وزجرية على المخالفين.
فعلى الرغم من وضوح النص القانوني وتأكيد السلطات المركزية على عدم التساهل مع المخالفين وزجر كل اشكال التعدي على الملك العام أو الخاص. تشكل المحلقة الإدار “الواحة” ب”الدار البيضاء” حلقة نشار تغرد خارج سرب النص القانوني والدستوري والتوجيهات الرسمية وهو ما يضعها موضع مساءلة عن الأسباب والدوافع والخلفيات الكامنة وراء عدم تفعيل القانون لمنع حدوث الخرق. علما أن لا وجود لتنمية بدون احترام للقانون، ولا مدينة حديثة دون ضمان حق الجميع في الفضاء المشترك.
فالملف المعروض يتجاوز شقة واحدة أو نزاعا بين الجيران. إنه اختبار لقدرة الإدارة الترابية على فرض احترام القانون في مدينة ك”الدار البيضاء”، تراهن على التحول إلى قطب حضري إفريقي حديث. ويبقى السؤال المطروح بقوة هل سيحسم العامل الجديد ل”عمالة مقاطعات الدار البيضاء أنفا” الملف وفق قاعدة: القانون فوق الجميع؟. أم ستستمر ثقافة الانتقاء والامتياز؟.