وصف ذات احتياجات خاصة ب “المعاقة” يجر شخصا الى القضاء
العدالة اليوم
قضت المحكمة الابتدائية بوجدة، بإدانة شخص توبع من أجل “السب العلني في حق إمرأة”، بأداء غرامة قدرها 10 آلاف درهم لفائدة فتاة تابعته أمام النيابة العامة بسبب وصفها من طرف المتهم بـ”المعاقة”، ما اعتبره القاضي سبا وتمييزا، وأن الإعاقة تحدث بسبب التفاعل بين الأشخاص والحواجز والبيئات المحيطة التي تحول دون مشاركتهم الكاملة في مجتمعهم.
تعود القضية إلى 16 يونيو 2023، حين تقدمت فتاة بشكاية إلى خلية العنف ضد النساء بالمحكمة الابتدائية بوجدة في مواجهة جارها، مؤكدة أن هذا الأخير وبدون سبب يذكر، يقوم باحتقارها والتلفظ في وجهها بعبارات مهينة من قبيل “المعاقة”، وأنه يبصق أمامها كلما صادفها عند باب منزلها، ساخرا من إعاقة تعاني منها على مستوى يدها اليمنى.
وقالت المشتكية، إن هذه التصرفات المشينة أثرت على نفسيتها وحرمتها من حريتها، حيث أصبحت تتجنب الخروج من البيت خوفا من تعرضها لـ”التنمر”، وهو ما زكته شاهدة حين صرحت خلال مرحلة البحث التمهيدي بأن “المشتكى به سيء السمعة وحاد الطباع “.
وأضافت الشاهدة، أنها سمعت المشتكى به، مرتين يقول للمطالبة بالحق المدني “يا عوجاء.. يا معاقة”، حيث يتهكم عليها لكونها تعاني نقصا على مستوى يدها اليمنى.
وصرح المتهم، أن والد المشتكية حقد عليه بسبب شرائه لبقعة أرضية كان يعتزم الأول اقتناءها، وشرع في تحريض عائلته وجيرانه عليه من أجل منعه من البناء. وأضاف أنه سجل سابقا شكاية في المحكمة الابتدائية ضد المذكور، ومن أجل إرغامه على التنازل رفعت ابنته هذه الدعوى الكيدية مع العلم أنه لا علاقة له مع المشتكية ولم يسبق له أن وجه إليها أي سباب، بل صرح لها بعبارة “أنت معاقة خليك فالتقار”، بمعنى “أنت معاقة دعك بعيدا عن هذا النزاع”، دون أن تكون له نية إهانتها.
وعلى ضوء البحث الذي فتحته النيابة العامة في حق المشتكى به، قررت متابعة المتهم من أجل جنحة السب العلني في حق امرأة، وفقا للفصل 443 من القانون الجنائي، وبعد جلسات المحاكمة، قررت هيئة الحكم مؤاخذة المتهم من أجل جنحة سب إمرأة بسبب جنسها، مع إدانته بغرامة قدرها 10 درهم.
وبالنظر إلى منطوق الحكم، عللت المحكمة قرارها، مؤكدة أنها اعتبرت أن السب هو كل تعبير شائن أو عبارة تحقير أو قدح لا تتضمن نسبة أي واقعة معينة وذلك بناء على أحكام الفصل 443 من القانون الجنائي، مؤكدة “رغم إنكار المتهم لتعريضه المشتكية للسب إلا أنه اعترف بأنه صرح لها بعبارة – أنت معاقة خليك فالتيقار-، وأن أنكر قصد إهانتها.
وقالت المحكمة في تعليلها، إنها فعلت المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي اعتمدت في 14 يوليوز 2021، والتي تنص على احترام الفوارق وقبول الأشخاص ذوي الإعاقة كجزء من التنوع البشري والطبيعة البشرية، إضافة إلى المادة الرابعة التي تحث على اتخاذ كافة التدابير للقضاء على التمييز على أساس الإعاقة من جانب أي شخص، والمادة الثامنة التي تحث الدول الأطراف باعتماد تدابير فورية وفعالة وملائمة من أجل تعزيز كرامة الأشخاص ذوي الإعاقة، ومكافحة القوالب النمطية وأشكال التحيز والممارسات الضالة لهم في جميع مجالات الحياة.
ولئن كان مصطلح “المعاقة” لا يتضمن أي سب من حيث المبدأ، فإن سياق الكلمة وظروف حسب المحكمة “ينم عن أن ما صدر من عن المتهم من تصريح قد يشكل حاجزا في الموافق والبئات المحيطة التي تحول دون مشاركتها مشاركة فعالة في مجتمعها على قدم المساواة مع الآخرين، مما اعتبر معه بتقدير المحكمة مهينا جدا ويجردها من إنسانيتها وتحيزا وتمييزا مجحفا، ويعكس بحق النظرة الدونية لها، كشخص في وضعية إعاقة في وسط اجتماعي يسعى لإقصائه وتقييده ووضعه في وضع عوائق أمامه، مما يشكل فعلا مجرما بنص الفصلين 443 و 444 من القانون الجنائي وتعين مؤاخذته وعقابه عليها.